مرت عدة أشهر منذ قرأت كتاب talking to strangers ، بالتحديد سبعة أشهر ، الكتاب يتحدث عن الاتصال بالغرباء ، ولكنه ضم في كثير من جنباته ان لم يكن الغالب الاعم منها حديثا عن السود الامريكيين - African Americans .
الغريب في الامر ، أنني على قدر ما كنت متشوقا لقراءته - حين أعلن عنه كاتبه قبل اصدار الكتاب في المكتبات بحوالي. ثمانية أشهر ، إلا انني - ولا انكر ذلك - شعرت بقليل من خيبه الامل بسبب تناول موضوع العنصرية والحديث عن السود ، معللا ذلك بأن الامر لم يعد كسابق عهده فيما يخص العنصرية سواء في أمريكا أو في أوروبا - مع الاقرار بحدوث بعض الممارسات على الصعيد الفردي - .
ولكن بعد كل تلك المدة ، تطالعنا وسائل الاعلام بخبر أفزع الجميع ، فمع انتشار فيديو الضابط الامريكي الجاثم على عنق ذلك الأمريكي الأسود ، والأخير ينادي فيه " I can't breath " ، أي أنه لا يستطيع التنفس ، ويظل على هذا الحال حتى يغيب الرجل المسجى على الارض عن الوعي ليموت بعد ذلك في وقت لاحق قبل أن يدركه أطباء الرعاية المركزة ، لتندلع بهذه الحادثة شرارة حرائق أقضت مضجع الامريكيين ، فلم يهنأوا من يومها بنوم .
وهنا كانت الفكرة التي تأكدت لي بأن الكتاب لم يكن بعيدا عن الواقع أبدا ، بل هو عصارة خبرات رجل شاهد على أرض الواقع ما سوغ له أن يخرج مثل هذا المؤَلَّف الرائع ، الذي تأكدت بعد قراءته بكل هذه الشهور كم كان دقيقا محقا أمينا في نقله ، فالمجتمعات لا تظهر معادنها حتى تصهر ...